Bidang

Bayanat (1) Hadits (1) Lughah (1) Syariah (6) Tafsir (1) Umum (4)

Senin, 03 Februari 2014

لمس المرأة واختلاف الفقهاء فيه


بقلم : يازين غزالي
تعريف اللمس في اللغة : لمس: بفتح فسكون مصدر لمس الشيء، أمسه بيده فهو لا مس، ولمس المرأة باشرها.
واللام والميم والسين أصل واحد يدل على تطلب شيء ومسيسه أيضاً. تقول: تلمست الشيء إذا تطلبته، ويأتي بمعنى الحس.
وقال ابن الأعرابي: اللمس قد يكون مس الشيء بالشيء ويكون معرفة الشيء وإن لم يكن ثم جوهر.
وقال الراغب الأصفهاني: "اللمس مطلقاً ؛ لأنه يقال المس إدراك بظاهر البشرة، واللمس والملامسة المجامعة مجازاً
تعريف اللمس في اصطلاح الفقهاء: هـو: قوة منبثقة في جميع البدن تدرك بها الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة، ونحو ذلك عند التماس الاتصال به
وقيل هو: إلصاق الجارحة بالشيء وهو عرف باليد ؛ لأنها آلته الغالبة،ويستعمل كناية عن الجماع
وقيل هو: أن يلمس الرجل بشرة المرأة والمرأة بشرة الرجل بلا حائل بينهما ، وقيل: حقيقة اللمس ملاقاة البشرتين
وكما هو واضح من هذه التعاريف كلها تدل على أن المراد من اللمس ملاقاة البشرتين
يرجع سبب احتلاف الفقهاء فى هذه المسئلة – كما ذكر ابن الرشد – كون اسم اللمس فى كلام العرب مشتركاً بين الحقيقة والمجاز، فمن حمله على الحقيقة بنى عليه حكماً معيناً، ومن حمله على المجاز بنى عليه حكماً مغايراً, فإن العرب تطلقه مرة على اللمس الذى هو باليد ومرة تكنى به على الجماع. فذهب بقوم إلى أن اللمس الموجب للطهارة فى أية الوضوء هو الجماع فى قوله تعالى (( أو لامستم النساء )) وذهب آخرون إلى أنه اللمس باليد. ومن هؤلاء منم رآه من باب العام أريد به الخاص فاشترط فيه اللذة ومنهم من رآه من باب العام وأريد به العام فلم يشترط اللذة فيه. ومن اشترط اللذة فإنما دعاه إلى ذلك ما عارض عموم الأية من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلمس عائشة عند سجوده بيده وربما لمسته,
.
وقد احتج من أوجب الوضوء من اللم بأن اللمس ينطلق حقيقة على اللمس باليد وينطلق مجازا على الجماع وأنه إذا تردد اللفظ بين الحقيقة والمجاز فالأولى أن يحمل على الحقيقة حتى يدل الدليل على المجاز
أما الأمر الثاني فهو الاختلاف في بعض القواعد الأصولية وتطبيقاتها، ومنها هنا اللفظ العام إذا عارضه خاص، فهل يحمل على العام أم الخاص؟ يقول ابن رشد: "وسبب اختلافهم في هذه المسألة اشتراك اسم اللمس في كلام العرب، فإن العرب تطلقه مرة على اللمس الذي هو باليد، ومرة تكني به عن الجماع. فذهب قوم إلى أن اللمس الموجب للطهارة في آية الوضوء هو الجماع, وذهب آخرون إلى أنه اللمس باليد. ومن هؤلاء من رآه من باب العام أريد به الخاص فاشترط فيه اللذة، ومنهم من رآه من باب العام أريد به العام فلم يشترط اللذة فيه".

هذا قد اختلف الفقهاء في حكم نقض الوضوء بلمس المرأة حسب التصور المذكور من المقصود بلمسها على ستة مذاهب.
1.  : الحنفية
ذهب الحنفية إلى : أن لمس المرأة غير المحرم بشهوة أو بغير شهوة غير ناقض للوضوء ، وذهب أبو حنيفة وأبو يوسف إلى : أنه ينتقض الوضوء بمباشرة فاحشة استحسانا . وهي مس فرج أو دبر بذكر منتصب بلا حائل يمنع حرارة الجسد ، أو مع وجود حائل رقيق لا يمنع الحرارة .
وكما ينتقض وضوء الرجل ينتقض وضوء المرأة كما في القنية .
وقال محمد بن الحسن : لا ينتقض الوضوء إلا بخروج المذي ، وهو القياس .
ووجه الاستحسان : أن المباشرة الفاحشة لا تخلو عن خروج المذي غالبا ، والغالب كالمتحقق . ([1])

دليل من القرآن
- قوله تعالى: "أو لا مستم النساء" ([2])، وحقيقة اللمس: ملاقاة البشرتين، فأخذ الحنفية بما نقل عن بن عباس ترجمان القرآن رضي الله عنهما: أن المراد من اللمس الجماع، وبما قال ابن السكيت: أن اللمس إذا قرن بالنساء يراد به الوطء، تقول العرب: لمست المرأة أي جامعتها، فيجب المصير في الآية إلى إرادة المجاز: وهو أن اللمس يراد به الجماع، لوجود القرينة وهي حديث عائشة الذي سيأتي. ([3])
دليل من السنة
حديث عائشة: «أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان يُقبِّل بعض أزواجه، ثم يصلِّي ولا يتوضأ».([4])
حديث عائشة أيضاً، قالت: «إن كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم ليُصلّي، وإني لمعترضة بين يديه اعتراض الجنازة، حتى إذا أراد أن يوتر مسَّني برجْله» ([5]) فيه دليل على أن لمس المرأة لا ينقض الوضوء، والظاهر أن مسها برجله كانَ من غير حائل.
فوضعت يدي على باطن قدميه، وهو في المسجد، وهما منصوبتان، وهو يقول: اللهم إني أعوذ برضاك من سَخَطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، كما أثنيت على نفسك» ([6]) وهويدل على أن اللمس غير موجب للنقض.
2.   : الشافعية
وقال الشافعية: ينقض الوضوء بلمس الرجل المرأة الأجنبية غير المحرم، ولو ميتة، من غير حائل بينهما، ينقض اللامس والملموس، ولو عجوزاً شوهاء أو شيخاً هرماً، ولو بغير قصد، ولا ينقض شعر وسن وظفر، أو لمس مع حائل.
 والمراد بالرجل والمرأة: ذكر وأنثى بلغا حد الشهوة عرفاً، أي عند أرباب الطباع السليمة، والمراد بالمَحْرم: من حرم نكاحها لأجل نسب أو رضاع أو مصاهرة، فلا ينقض صغير أو صغيرة لا يشتهى أحدهما عرفاً غالباً لذوي الطباع السليمة، فلا يتقيد بابن سبع سنين أو أكثر، لاختلافه باختلاف الصغار والصغيرات، لانتفاء مظنة الشهوة. ولا ينقض مَحْرم بنسب، أو رضاع، أو مصاهرة كأم الزوجة لانتفاء مظنة الشهوة.
وسبب النقض: أنه مظنة التلذذ المثير للشهوة التي لا تليق بحال المتطهر. » ([7])
 دليل من القرآن
العمل بحقيقة معنى الملامسة في اللغة في الآية: "أو لا مستم النساء" » ([8])، وهو الجس باليد، أو ملاقاالبشرتين، أو لمس اليد، بدليل قراءة: "أو لمستم النساء" ،فإنها ظاهرة في مجرد اللمس من دون جماع
 دليل من السنة
وأما حديث عائشة في التقبيل فهو ضعيف، ومرسل. وأما حديث عائشة في لمسها لقدمه صلّى الله عليه وسلم فمؤول بأن اللمس يحتمل أنه كان بحائل، أو أنه خاص بالنبي. لكن في هذا التأويل تكلف ومخالفة للظاهر.
ويبدو لي أن اللمس العارض أو الطارئ، أو الذي لا لذة أو لا شهوة فيه غير ناقض للوضوء، وأما اللمس الذي يصحبه الشهوة فهو ناقض، وهذا في تقديري أرجح الآراء.
3.  : المالكية
وقال المالكية: ينتقض الوضوء بلمس المتوضئ البالغ لشخص يلتذ به عادة ـ من ذكر أو أنثى ـ ولو كان الملموس غير بالغ، سواء كان اللمس لزوجته أو أجنبية أو محرماً، أو كان اللمس لظفر أو شعر، أو من فوق حائل كثوب، وسواء كان الحائل خفيفاً يحس اللامس معه بطراوة البدن، أو كان كثيفاً، وسواء كان اللمس بين الرجال أو بين النساء
فاللمس بلذة ناقض، وكذا القبلة بالفم تنقض الوضوء مطلقاً، ولو بدون لذة؛ لأنها مظنة اللذة، أما القبلة في غير الفم فتنقض وضوء المقبِّل والمقبَّل إن كانا بالغين، أو البالغ منهما إن قبل من يشتهي، إن وجدت اللذة، ولو وقعت بإكراه أو استغفال. فالنقض باللمس مشروط بشروط ثلاثة: أن يكون اللامس بالغاً، وأن يكون الملموس ممن يشتهى عادة، وأن يقصد اللامس اللذة أو يجدها.
ولا ينقض الوضوء بلذة من نظر أو فكر ولو حدث انتصاب (إنعاظ) ما لم يلتذ بالفعل، ولا بلمس صغيرة لا تشتهى، أو بهيمة أو رجل ملتحي، إذ الشأن عدم التلذذ به عادة إذا كملت لحيته([9]),
دليل من القرآن
قوله تعالى: "أو لا مستم النساء"([10])، وحقيقة اللمس: ملاقاة البشرتين، فأخذ الحنفية بما نقل عن ابن عباس ترجمان القرآن رضي الله عنهما: أن المراد من اللمس الجماع، وبما قال ابن السكيت: أن اللمس إذا قرن بالنساء يراد به الوطء، تقول العرب: لمست المرأة أي جامعتها، فيجب المصير في الآية إلى إرادة المجاز: وهو أن اللمس يراد به الجماع
دليل من السنة
قيد المالكية اللمس الناقض بما إذا كان لشهوة: فجمعوا بين الآية والأخبار الآتية عن عائشة وغيرها.
حديث عائشة أيضاً، قالت: «إن كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم ليُصلّي، وإني لمعترضة بين يديهاعتراض الجنازة، حتى إذا أراد أن يوتر مسَّني برجْله»([11]).
حديث عائشة أيضاً، قالت: « فَقَدْتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلم ليلةً من الفراش،فالتمسته، فوضعت يدي على باطن قدميه، وهو في المسجد، وهما منصوبتان، وهو يقول: اللهم إني أعوذ برضاك من سَخَطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، كما أثنيت على نفسك»([12]).
4. : الحنابلة
وقال الحنابلة في المشهور: ينقض الوضوء بلمس بشرة النساء بشهوة من غير حائل، وكان الملموس مشتهى عادة غير طفلة وطفل، ولو كان الملموس ميتاً، أو عجوزاً، أو مَحْرماً، أو صغيرة تشتهى: وهي بنت سبع سنين فأكثر، فلا فرق بين الأجنبية وذات المحرم والكبيرة والصغيرة. ولا ينقض لمس شعر وظفر وسن، ولا مس عضو مقطوع لزوال حرمته، ولا مس أمرد ولو بشهوة، ولا مس خنثى مشكل، ولا ينقض مس الرجل الرجل ولا المرأة المرأة ولو بشهوة. وإذا لم ينقض الوضوء بمس أنثى، فإنه يستحب([13]).
دليل من القرآن
 أن من النواقض للوضوء مس بشرة الذكر بشرة أنثى لشهوة ، لقوله تعالى : "أو لا مستم النساء"([14])
وأما كون اللمس لا ينقض إلا إذا كان لشهوة فللجمع بين الآية والأخبار . لأنه روي عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : فقدت النبي صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش فالتمسته ، فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان
دليل من السنة
لأنه روي عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : فقدت النبي صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش فالتمسته ، فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان ونصبهما دليل على أنه كان يصلي ، وروي عنها أيضا أنها قالت : كنت أنام بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته فإذا سجد . غمزني فقبضت رجلي([15]), والظاهر أن غمزه رجليها كان من غير حائل . ولأن المس ليس بحدث في نفسه ، وإنما هو داع إلى الحدث ، فاعتبرت الحالة التي يدعو فيها إلى الحدث ، وهي حالة الشهوة .
وينقض الوضوء مس بشرتها بشرته لشهوة ؛ لأنها ملامسة تنقض الوضوء فاستوى فيها الذكر والأنثى كالجماع .

ويشترط في المس الناقض للوضوء : أن يكون من غير حائل ؛ لأنه مع الحائل لم يلمس بشرتها ، أشبه ما لو /لمس ثيابها لشهوة ، والشهوة لا توجب الوضوء بمجردها . ولا ينقض مس الرجل الطفلة ، ولا مس المرأة الطفل . أي : من دون سبع سنوات ، ولا ينتقض وضوء ملموس بدنه ولو وجد منه شهوة ؛ لأنه لا نص فيه([16]).
5.  : الظاهرية
يرى أن لمس الرجل المرأة حدث وليس مظنة لحدث, فهو ناقض للوضوء بذاته مطلق اذا تحقق اللمس الحقيقى المباشرة أى بلا حائل. فاذا لمس الرجل المرأة و المرأة الرجل بأى غضو لمس احدهما الاخر, دون أن يحول بينهما ثوب أو غيرههٍ وسواء كانت المرأة أماً أو بنتاً أو زوجة صغيرة أو كبيرة, بلذة أو بغير لذة, وسواء كان الملموس بشرة أو شعراًأو ظفراً, انتقضوضوؤه سواء كان ذلك بلذة أو بغير لذة([17]).
دليل من القرآن
 استدل أصحاب هذا المذهب القائلون بأن لمس الرجل المرأة حدث فى ذاته ينقض به الوضوء بقوله تعالى " أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلو تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا "([18])
ووجه الاستدلال من هذه الأية الكريمة : أن الملامسة فعل من فاعلين وبيقين ندري أن الرجال والنساء مخاطبون بهذه الآية لآن أول الآية وآخرهاعموم للجميع من الذين آمنوا فصح أن هذا الحكم لازم للرجال إذا لامسوا النساء والنساء إذا لامسن الرجال ولم يخص الله تعالى امرأة من امرأة ولا لذة من غير لذة فتخصيص ذلك لايجوز, ([19]), وحقيقة اللمس بين الرجل والمرأة عند الظاهرية تتحقق بالتقاء أي عضو من أحدهما بالآخر دون أن يحول بينهما ثوب أو غيره لأن هذا المفهوم مكن اللغة. وعند الحنابلة لا تكون إلا بملاقاة البشرتين لأن اللمس يطلق فى الشرع على الجس باليد. قال تعالى  "ولو نزلنا عليك كتابا فى قرطاس فلمسوه بأيديهم"([20])  أي جسوه.
وإذا عرفنا حقيقة اللمس وعموم النساء وقد عطف الله ذلك على حدث المجيئ من الغائط دل على أن الملامسة حدث ينقض به الوضوء كاحدث الخارج من السبيلين([21]),
المناقشة
مناقشة هذا الدليل : نوقش هذا الدلي بأمرين :
الأمر الأول : لانسلم بأن المقصود بالملامسة فى الآية الكريمة إلتقاء أي عضو من أحدهما بالآخر أو ملاقاة البشرتين بل المقصود بها الجماع وهو تفسير ابن عباس وروي عن علي وأبي بن كعب ومجاهد وطاوس والحسن وعبيد بن عمير وسعيد بن جبير والشعبي وقتادة ومقاتل بن حبان. ويؤيد هذا قول الله تعالى: " وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم"([22]) وقال تعالى "ياأيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها"([23]) فقد كنى بالمس على المجامعة.
وأجيب عن ذلك : با تفسير الملامسة بالجماع تفسير بعيد ويجب حمل معانى القرآن على ما هو قريب لإمكان التكليف وقد روي تفسير الملامسة فى الآية الكريمة باللمس باليد أو غيرها من الأعضاء عن ابن مسعود وابن عمر وفى قراءة ابن مسعود (( أو لمستم النساء )) وهذا تفسير لمعنى الملامسة([24]).
الأمر الثانى : لا نسلم بأن الآية عامة تشمل عموم النساء بل قد دخلها التخصيص بما صح من أحاديث أفادت عدم النقض باللمس دون شهوة.
والإجابة عن ذلك : تأتى فى مناقشة ذلك الأحاديث فى حينها مع بيان أدلة المذاهب الأخرى([25])
6     : بعض الفقهاء
يرى أن لمس الرجل المرأة ليس حدثاً ولا مظنة للحدث فهو غير ناقض للوضوء مطلقا. . فاذا لمس الرجل المرأة و المرأة الرجل بأى غضو لمس احدهما الاخر, أو كانت قبلة في الفم أو غيره بحائل أو غير بحائل, وسواء كانت المرأة صغيرة أو كبيرة محرمة أو أجنبية بلذة أو بغير لذة فلا ينقض وضوؤه بشيئ من ذلك إلا أن يكون قد أنزل مذياً أو منياً. وهذا قول محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة, وهو قياس مذهب الحنفية([26]),واختاره ابن رشد المالكى([27]), ورواية أخرى عن اللإمام أحمد وبه قال الهادوية, وروي ذلك عن على وابن عباس وعطاء وطاوس والحسن ومسروق([28]).
 القائلون بأن لمس المرأة ليس حدثا ولا مظنة حدث فلا ينقض به الوضوء مطلقا -. بالسنة والمعقول
 دليل من السنة
أما دليل السنة فأحاديث كثيرة منها :
أ‌-       ما رواه أصحاب السنن عن عائشة "أن النبي صلى الله عليه وسلو قبل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ )) وفى رواية عن عائشة (( أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل امرأة من نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ فقلت لها : من هي إلا أنتِ فضحكتْ".
ووجه الاستدلال من هذا الحديث: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كما هو واضح فى الحديث كان يقبل بعض نسائه ثم يصلي دون أن يتوضأ. فلو كان لمس النساء ينقض الوضوء لكانت القبلة أولى بنقضه.
ما رواه الشيخان عن عائشة قالت "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وإني لمعترضة بين يديه اعتراض الجنازة حتى إذا أراد أن يوتر مسني برجله "([29]).
وفى رواية لمسلم, قالت "التمست رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجده فوقعت يدي على باطن قدمه وهو ساجد"([30]).
ووجه الاستدلال من هذا الحديث : أنه لم بطل وضوءه بهذا اللمس لستأنف الصلاة بطهارة جديدة لكنه لم يفعل. فدل على أن لمس النساء لا ينقض الوضوء.
ج- ما رواه البيهقي وأصحاب المصنفات عن ابن عباس قال : الوضوء مما خرج وليس مما دخل([31]),ومثل هذا لا يكون إلا عن توقيف.
 دليل من المعقول
وأما دليل المعقول فمن وجوه, نذكر منها ثلثة :
الوجه الأول : أن الوضوء ثابت قبل اللمس بيقين فلا يرتفع بالتوهم لأن من قال بوجوب الوضوء من اللم سإنما كان لأجل مظنة الإمذاء وهو غير ثابت بيقين([32]).
الوجه الثانى : أن وجوب الوضوء لا يكون إلا من الشرع, ولم يرد بهذا ولا هو فى معنى ما ورد الشرع به فلم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من مس زوجته انتقض وضوءه([33]).
مناقشة لدليل السنة
دليل السنة لا حجة فيه لما يأتى :
حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ. قال عنه ابن حزم : حديث لا يصح. لأن راويه أبو روق وهو ضعيف. ومن طريق رجل اسمه عروة المزاني وهو مجهول ومن طريق الأعمش عن أصحاب له لم يسمهم عن عروة المزاني وهو مجهول. وقال ابن حجر ضعفه البخاري, قال الترمذي : سمعت محمد بن إسماعيل بضعف هذا الحديث. قال الصنعاني ك وأبو داود أخرجه من طرسق أبراهيم التيمي عن عائشة ولم يسمع منها شيئا فهو مرسل. وقال النسائي : ليس فى هذا الباب أحسن منه ولكنه مرسل, قال المصنف ( ابن حجر ) روي عن عشرة أوجه عن عائشة أوردها البيهقي فى الخلافيات وضغفها([34]).
وقال الدارقطني : هذه اللفظة لا تحفظ وإنما المحفوظ " كان يقبل وهو صائم "([35]).
وأجيب عن ذلك : بأن هذا الحديث وإن قدح فيه بما سبق فطرقه يقوى بعضها بعضا([36]).
أ‌-       حديث عائشة أنها كانت تعترض فى قبلته صلى الله عليه وسلم وعنها أنه وقعت يدها على باطن قدمه وهو ساجد. أجيب عنه بأنه لاحجة فى من وجوه . نذكر منها وجهين:
الأول : أنه يحتمل أن يكون ذلك بحائل أو أنه خاص به صلى الله عليه وسلم([37]). ولم يعجب الصنعانى هذا التأويل, لأنه تكلف شديد, ولا دليل عليه في الشريعة([38]).
الثانى : أن الوضوء إنما هو على القاصد إلى اللمس لا على الملموس دون أن يقصد هو إلى فعل الملامسة لأنه لم يلامس([39]).
ج- قول ابن عباس " الوضوء ما خرج " بيان للحدث من السبيلين وليس بيانا لأتواع الأحداث وإلا كان زوال العقل غير ناقض للوضوء([40]).
مناقشة لدليل المعقول
دليل المعقول لا حجة فيه أيضا من ثلاثة أوجه
الوجه الأول : القول بأن الوضوء لا يرتفع بالتوهم إنما يصح إن سلمنا بأن المس ليس حدثا فى ذاته. ولو صح فإن فيه مظنة الحدث ومظنة الشيئ تعطى حكم ذلك الشيئ. وإن أمكن الوقوف عليه كالتقاء الختانين مظنة الإنزال أعطى حكمه والنوم مظنة الحدث أعطى حكمه مع إمكان الوقوف عليه. وعلى رأيهم المباشرة مع التجرد وما معه مظنة أيضا([41]).
الوجه الثانى : القول بأن وجوب الوضوء لا يجب إلا من الشرع قول صحيح. وقد ورد القرآن الكريم بذلك فى قوله :  " أو لامستم النساء"  وفى قراءة (( أو لمستم النساء )).
الوجه الثالث : التمسك بعموم البلوى منتقض بإيجابكم الوضوء من الحجامة والدم السائل من الجسد وغيرهما. وقد كان عليه السلام يتلو طول عمره (( أو لامستم النساء )) وهو مقطوع به متواتر([42]).


([1]) الفقه الإسلامي وأدلته، أ.د. وهبة الزحيلي، ط 4، دار الفكر، دمشق 1/375
([2]) المائدة : 6
([3]) الفقه الإسلامي وأدلته، أ.د. وهبة الزحيلي، ط 4، دار الفكر، دمشق 1/378
([4]) رواه أبو داود والنسائي وأحمد والترمذي، وهو مرسل، وضعفه البخاري، وكل طرقه معلولة، قال ابن حزم: لا يصح في الباب شيء، وإن صح فهو محمول على ما كان عليه الأمر قبل نزول الوضوء من المس (نيل الأوطار: 1 /195).
([5]) رواه النسائي، قال ابن حجر: إسناده صحيح (نيل الأوطار: 1 /196).
([6]) رواه مسلم والترمذي وصححه والبيهقي (المرجع السابق، وانظرهذه الأحاديث في نصب الراية: 1 /70-75).
([7]) الفقه الإسلامي وأدلته، 1/378
([8]) المائدة :6
([9]) الفقه الإسلامي وأدلته، 1/378
([10]) المائدة :6
([11]) رواه النسائي، قال ابن حجر: إسناده صحيح (نيل الأوطار: 1 /196).
([12]) رواه مسلم والترمذي وصححه والبيهقي (المرجع السابق، وانظرهذه الأحاديث في نصب الراية: 1 /70-75).
([13]) الفقه الإسلامي وأدلته, 1/376
([14]) المائدة :6
([15])  حديث عائشة : " كنت أنام بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم . . . " . أخرجه البخاري، ( الفتح 3 / 80 ط . السلفية ) ومسلم ( 1 / 367 - ط . الحلبي
([16]) الفقه الإسلامي وأدلته، 1/379
([17]) روضة الطالبين 1/74, المجموع 2/23, المهذب 1/24, المغنى والشرح الكبير 1/221, العدة شرح العمدة ص 46, المحلى 1/244,245
([18])  المائدة : 6
([19])  المحلى 1/244,245
([20])  سورة الأنعام : 7
([21])  انظر هذا الدليل في : تفسير ابن كثير 2/504, المغنى والشرح الكبير 1/221
([22] البقرة : 237
([23])  الأحزاب : 49
([24])  تفسير ابن كثير 2/504
([25])  أحكام العبادات، دراسة فقهية مقارنة : 91
([26])  هو قياس المذهب غلى أساس أن لمس المرأة ليس حدثا ولا مظبة لحدث عند الحنفية, ولذلك قال أبو حنفية وأبو يوسف بهذا القول لكنهم استثوا المباشرة بما دون الفرج بعد الإنتشار فجعلا ذاك ناقضا – المبسوط 1/67,68. مجمع الأنهر 1/20, حاشية ابن عابدين 1/99
([27])  بداية المجتهد 1/37,38
([28])  المغنى والشرح الكبير 1/221, العدة شرح العمدة ص 46, سبل السلام 1/102
([29])  صحيح البخاري 1/150 رقم 376, صحيح مسلم 1/366 رقم 512
([30])  صحيح مسلم 1/352 رقم 486
([31])  مصنف إبنأبي ششيبة 1/52 رقم 535, مصنف عبد الرزاق 1/32 رقم 100, السنن الكبري للبيهقي 1/116 رقم 566, قال الهيثمي : هو من  قول إبراهيم النخعي, ورواه الطبراني في الكبير, ورجاله موثقون – مجمع الزوائد 1/243
([32])  مجمع الأنهر 1/20, المبسوط 1/67,68
([33])  الدخيرة 1/220,  المغنى والشرح الكبير 1/221
([34])  السنن الكبري للبيهقي 1/125, 126, وانظر أيضا : سنن النسائي 1/39, سبل السلام 1/101,102
([35])  سنن الدارقطني 1/137 ونقله القرافى في الدخيرة 1/220
([36])  سبل السلام 1/101,102
([37])  وهذا تأويل ابن حجر العسقلانى 1/102
([38])  سبل السلام – المرجع السابق, تحقيق الأستاذ أحمد شاكر هامش المحلى رقم (2) ج 1/246
([39])  وهذا تأويل ابن حزم – المحلى 1/247
([40])  أحكام العبادات، دراسة فقهية مقارنة : 93
([41])  الدخيرة 1/211
([42])  الدخيرة 1/220

0 komentar:

Posting Komentar