بقلم : زعيم الدين بن عبد العظيم بن زَيّادي
الْمُلَخّص
الإنتاج الفقهي يحتاج إلى
المكونات والآلات والقدرة على إعمالها بطريقة صحيحة. وهذا المقال يهدف إلى
تجلية تلك الأمور، فاخترت اسم التفضيل ممثلا عن مكونات الفقه لأهميته،
وبينت حقيقة اسم التفضيل وشروطه واستعماله ثم تتبعت وروده في آيات الأحكام
مستخلصا النتائج التي يدرك بها ما لاسم التفضيل من أثر جلي، والتي منها:
أنه إن تعذرت المشاركة الحقيقة –بسبب اجتماع المتناقضين أو غيره– حملت على
المشاركة الفرضية التقديرية، والحكم المستدل به حينئذ تابع للسياق، فإن
يفِد الحرمة أو الوجوب فذاك، وإلا فالندب. ولتطبيق هذه النتائج ضربت أمثلة
من استنباط العلماء الأحكامَ باسم التفضيل، وأمثلة من الفروع التي تنبني
عليه.
الكلمات الأساسية: اسم التفضيل، آيات الأحكام، أثر، مسألة، الفروع.
“Produksi” hukum fiqih
membutuhkan banyak komponen dan alat tertentu serta kemampuan khusus
untuk mengolah dan memprosenya dengan benar (baca: ijtihad). Makalah ini
bertujuan untuk menjelaskan pentingnya hal tersebut, dengan cara
membahas satu dari komponen fiqih yang cukup urgen namun sering di
abaikan; isim tafdhil. Dalam pembahasan nahwunya penulis memaparkan
hakikat isim tafdhil, syarat dan penggunaannya, serta dilanjutkan dengan
riset isim tafdil pada ayat-ayat ahkam, dan menghasilkan beberapa poin
penting yang menjelaskan pengaruh isim tafdhil dalam hukum fiqih.
Kemudian penulis menerapkan poin-poin tersebut pada hukum fiqih untuk
menggambarkan cara dan proses produksi hukum, baik melalui ayat ahkam
yang menjadi sumber hukum, atau pengaruh isim tafdhil pada permasalahan
fatwa fiqih.
Kata kunci: isim tafdhil, ayat ahkam, pengaruh, masalah, furu’ (fiqih).
التمهيد
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد:
فالفقه صناعة متكاملة لها
مكوناتها وآلاتها، والفقيه هو من يمتلكها ويقدر على معالجتها وتسخيرها
بطريقة صحيحة وملكة راسخة لإنتاج فتوى يغلب على ظنه أنها أوفق لمراد الله
وحكمه. والفتوى الفقهية إنتاج هذه الصناعة التي مرت بمراحل عديدة تمت في
عقل الفقيه، وهذه العملية هي المعروفة بالاجتهاد الذي قام به الفقيه
المجتهد. ولا شك أن رتبة الاجتهاد –مع تنوع درجاته– قمة لا يبلغها إلا من
يرعاه الله بتوفيق خاص، ويكفي للمجتهدين شرفا أن شح الزمان بأمثالهم، وأن
من يسلك مسلكهم رفيع، ومن ادعى مقامهم وضيع.
هذا المقال يهدف إلى تجلية تلك
الأمور، من أهمية امتلاك هذه المكونات والآلات، والتعرف بطريقة الإنتاج
الفقهي في عقل الفقيه. وقد اخترت مبحث اسم التفضيل ممثلا عن آليات الاجتهاد
لقلة من يفرده بالبحث مع أهميته في الإنتاج الفقهي.
وسيدور المقال حول ثلاثة مباحث
أساسية، المبحث الأول: اسم التفضيل في النحو، وفيه البيان لحقيقة اسم
التفضيل وشروطه واستعماله. والكلام محصور فيما له أثر في الدليل أو ينبني
عليه الفرع الفقهي.
ثم ثنيت الكلام بالمبحث الثاني،
وهو اسم التفضيل في آيات الأحكام. وفيه نقطتان أساسيتان، الأولى: دراسة اسم
التفضيل في آيات الأحكام، وقد تتبعت مواطنه وتقسيماته فيها. والثانية: أثر
اسم التفضيل فيها، فقد أوردت عدة أمثلة لاستنباط الفقهاء الأحكامَ من اسم
التفضيل مع بيان الخلاف فيها، وذلك للتأكيد على أثر اسم التفضيل في
الاستدلال والفروع. ثم أوردت مثالا آخر لأثر اسم التفضيل داعيا القارئ إلى
المشاركة في النظر.
أما المبحث الثالث فهو أثر اسم التفضيل في الفقه، وقد ضربت أمثلة من الفروع التي أثر فيها اسم التفضيل، مع بيان طريقة الإنتاج الفقهي به. وفي الخاتمة أوردت موجز النتائج. والله الموفق، ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين.
البحث
اسم التفضيل في النحو
أمامك الآن أربعة أمثلة: 1 محمد
أشرف البشر، 2 العسل أحلى من الخل، 3 يوسف أحسن إخوتِه، 4 الله أعلم.
والسؤال: أ يستعمل اسم التفضيل في هذه الأمثلة استعمالا حقيقيا؟ فَصّل
الكلام مع بيان السبب!.
لا تقلق، فلست الآن في امتحان النحو، ولكن إن لم تعرف الإجابة الصحيحة أنصحك بقراءة هذا المبحث النحوي لاسم التفضيل.
فلنبدأ إذَن بتعريف اسم التفضيل.
وأنا أختار لك تعريف المحقق الرضي؛ لأنه فيما يبدو أسلم التعريفات. وقد
عرّفه في شرحه على مختصر ابن الحاجب بأنه هو: «المبني على “أفعل” لزيادة
صاحبه على غيره في الفعل»، أي في الفعل المشتق هو منه. فيدخل فيه: “خير
وشر” لكونهما في الأصل: أخير وأشر، فخففا بالحذف لكثرة الاستعمال، وقد
يستعملان على القياس ([1])، فيقال: أخير وأشر. وقيل: مثلهما لفظ “حب”، والقياس: أحب.
ومعلوم لك أن التعريف لا بد أن
يكون جامعا لأفراد المعرف مانعا من دخول غيرهم في التعريف. وبالتدقيق في
التعريف يُعلم أن للتفضيل شروطا في مبناه وشروطا في معناه، إن تحققت في
الاسم كان استعمال اسم التفضيل حقيقيا، وإلا فلا.
فإذا أردت تحليل المثال للتفضيل
–وليكن: محمد أشرف البشر-، أقول: محمد أو ضميره المستكن في اسم التفضيل هو
المفضل، والبشر مفضل عليه، وأشرف هو اسم التفضيل. وهذه شروط المبنى. أما
شروط المعنى فلا بد من تحقق اتصاف المفضل للوصف وهو الشرف، واشتراك المفضل
عليه في الشرف، وزيادة المفضل على المفضل عليه في الوصف زيادة حقيقة.
وتفصيل ذلك أن الشروط في مبنى التفضيل ثلاثة: المفضل والمفضل عليه واسم التفضيل.
أما المفضل فهو المتصف بـ”أفعل”،
ويذكر قبل اسم التفضيل غالبا، ولكنه على التحقيق يكون ضميرا مستترا في اسم
التفضيل ولا يرفع ظاهرا إلا في مسألة الكحل([2]).
وأما المفضل عليه فهو المجرور
بـ”من” أو بإضافة “أفعل” إليه، أو أن يكون في حكم المذكور إذا كان اسم
التفضيل معرفا بأل العهدية. ولا يحذف المفضل عليه إلا إذا كان معلوما. مثل:
﴿والآخرَةُ خَيْرٌ وَأبْقى﴾([3]) أي من الدينا.
وأما اسم التفضيل: فصيغته وزن
“أفعل” تحقيقا أو تقديرا كخير، لذا يقال: اسم التفضيل ليعم الجميع. وشروط
هذه الصيغة مبسوطة في كتب النحو.
ويستعمل اسم التفضيل بـ”من”
مجردا عن الإضافة واللام فوجب إفراده وتذكيره في جميع أحواله. أو معرفا
باللام العهدية فوجبت مطابقته لما قبله. أومضافا إلى نكرة فوجب إفراده
وتذكيره. أو مضافا إلى معرفة فجاز الوجهان: الإفراد والتذكير أو المطابقة.
تقول: (الرسل أفضل من جميع الخلق) و(الرسل الأفضلون) و(الرسل أفضل خلق)
و(الرسل أفضل الخلق، أو أفاضل الخلق). ولا تأتي “من” الجارة إلا مع اسم
التفضيل المجرد. ويشترط إذا أضيف اسم التفضيل أن يكون المفضل بعضا من
المفضل عليه.
وأما الشروط في معنى التفضيل فثلاثة أيضا:
- اتصاف المفضل بالحدث الذي اشتق منه، وبهذا الأمر كان وصفاً، واتصافه به لازم؛ لأن زيادة الوصف فرع ثبوته.
- مشاركة غيره فيه مشاركة حقيقية أو تقديرية. وتكون المشاركة تقديرية فرضية إذا تعذرت مشاركة المفضل عليه. مثل: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ ([4]). فليس للسحر مشاركة في الخير الذي اتصف به مثوبة الله للمؤمن التقي أصلا.
- زيادة المفضل على غيره في الوصف زيادة حقيقة. وهل الزيادة الادعائية داخلة في أصل وضعه؟ الظاهر لا، وإنما يعتبر الصدق والكذب في الكلام بمطابقة الواقع أو عدمها، لا باعتبار نفس الكلمات. وينبغي التنبيه بأن لهذا الشرط شقين، أولهما: وجود زيادة الصفة في المفضل نفسه، وثانيهما: أن تكون هذه الزيادة على المفضل عليه، أي باعتبار غيرِ المفضل؛ لأنه لا تفضيل للشئ على نفسه. وإن يستعمل لإثبات اتصاف المفضل بصفة زائدة فقط فالاستعمال مجازي، مثل: “يوسف أحسن إخوته”، ولا تريد أنه أحسن الإخوة، بل تريد إثبات زيادة الحسن ليوسف فقط بغض النظر عن مشاركة غيره في الحسن.
وإنما يجب اعتبار هذه الشروط
كلها للتمييز بين استعمال اسم التفضيل الحقيقي و المجازي. وتظهر فائدتها
إذا قرأت الأمثلة الأربعة السابقة بإنعام النظر وتحليلها واحدا واحدا من
حيث التفضيل.
أما المثال الأول فقد عرفتَ
تحليله. وأما الثاني فاستوفى شروط المبنى، واتصف المفضل بالوصف وامتاز عن
غيره ولكنه لم يستوف شرط المشاركة، فلم يكن الخل مشاركا للعسل في وصف
الحلاوة مشاركة حقيقية أو تقديرية، فالاستعمال مجازي. ومقصود المثال أن
الخل قد زاد في صفته على العسل في صفته التي تختلف عن سابقتها.
أما الثالث، فإن يراد به زيادة
يوسف على إخوته في الحسن فممتنع؛ لأن اسم التفضيل مضاف، ويوسف لا يدخل في
جملة المضاف إليه (إخوة يوسف)، بدليل أنك لو سئلت عن عد إخوة يوسف لم يجز
لك عده فيهم. وإن يراد زيادة مطلقة دون النظر إلى غيره فممتنع أيضا؛ لأن
وضع “أفعل” لتفضيل الشئ على غيره ([5])، فالاستعمال مجازي.
أما الرابع، فاعتبار “أعلم” من
اسم التفضيل يقتضي وجود مفضل عليه، فلنقل إنه الخلق، أي: الله أعلم من
الخلق. وبقي النظر في شروط المعنى، ولا شك أن الله متصف بالعلم ولا نهاية
لكماله. ولكن هل له مشارك في هذا الوصف، ويعتبر مشاركته لله تعالى فيه؟ فإن
قيل: لا مشارك في علمه تعالى أصلا، فلا يمكن حمل اسم التفضيل على حقيقته
بل هو بمعنى اسم الفاعل أو الصفة المشبهة، أي: الله عالم أو عليم. فلا
يجوز: الله أعلم من كل عالم.
وإلى هذا المذهب ذهب أبو عبيدة
فيما حكاه ابن الأنباري فقال بورود أفعل التفضيل مؤولاً بما لا تفضيل فيه،
فيتضمن حينئذ معنى اسم الفاعل، كقوله تعالى: ﴿ربّكُم أعلمُ بِكُمْ﴾([6]) أي: عالم بكم، أو معنى الصفة المشبهة، كقوله سبحانه: ﴿وَهُوَ الذِي يَبدأ الخلقَ ثمّ يُعِيْدُهُ، وهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾([7])
أي: وهو هين عليه؛ لأنه لا مشارك لله في علمه، ولا تتفاوت المقدورات
بالنسبة إلى قدرته، فليس لديه هين وأهون، بل كل شيء هين عليه سبحانه
وتعالى. فاسم التفضيل قد خرج من أصل وضعه فلم يدل على المشاركة والزيادة
على الآخر في الوصف، وإنما يدل على الاتصاف المجرد. فهو مجاز هنا.
ولكن لم يسلم له النحويون هذا
الاختيار، ومنعوا تجريد اسم التفضيل عن معنى التفضيل إذا اقترن باللام أو
أضيف إلى نكرة أو وصل بـ “من”؛ لأن وجود “من” دليل على إرادة التفضيل فلا
يصح تجريده عن معنى التفضيل أصلاً لا قياساً ولا سماعاً؛ لأن “من” هذه هي
الجارة للمفضول ([8]).
أما إذا كان اسم التفضيل عاريا
عن اللام والإضافة و”من” فاختلفوا في جواز استعماله مجردا عن معنى التفضيل
مؤولا باسم الفاعل أو الصفة المشبهة. فأجازه طائفة منهم أبو العباس المبرد
وقاسه لكثرة الوارد فيه، ولكن الجمهور منعوا القياس، فما ورد يحفظ ولا يقاس
عليه، وهو الصحيح.
وذهب الكسائي والفراء وتبعهما
المحقق الرضي وغيره إلى أن هذه الصيغة لا تخلو قط من الدلالة على التفضيل،
وبيان ذلك في جميع الأحوال أنك إن ذكرت الصيغة وبعدها “من” جارة للمفضول
فدلالتها على التفضيل ظاهرة، وإن أضيفت الصيغة فإن المضافَ إليه المفضلُ
عليه، وإن اقترنت باللام فإن اللام هذه عوض من المضاف إليه، وإن لم تضف ولم
تقترن باللام ولم يذكر معها “من” جارة للمفضول كان الكلام على أحد
تقديرين، الأول: تقدير “من” ومجرورها، والثاني: تقدير الصيغة مضافة وقد حذف
المضاف إليه وهو منوي الثبوت ([9]).
وملخص ما سبق هذه النقاط:
الأولى: التفضيل يكون حقيقيا إذا
استوفى شروط المبنى والمعنى الستة: المفضل والمفضل عليه واسم التفضيل،
واتصاف المفضل بالصفة، ومشاركة المفضل عليه فيها، وزيادة المفضل فيها على
غيره. وإن اختل شرط فهو مجاز.
الثانية: المشاركة قد تكون حقيقية، وقد تكون تقديرية بفرض وجود المفضل عليه إن تعذرت المشاركة.
الثالثة: في إضافة اسم التفضيل يشترط أن يكون المفضل بعضا من المفضل عليه.
الرابعة: يجوز استعمال اسم
التفضيل مؤولا باسم الفاعل أو الصفة المشبهة بشرط تجرده عن اللام والإضافة
و”من” سماعيا ولا يقاس. وأجازه قوم مطلقا.
اسم التفضيل في آيات الأحكام
يدور الكلام هنا حول النقطتين: الأولى ورود اسم التفضيل في آيات الأحكام، والثانية، أثر وروده فيها.
النقطة الأولى:
قد ورد اسم التفضيل في ثلاثة وخمسين موضعا من آيات الأحكام. وكان لفظ
“خير” أكثره ورودا لوروده في ثلاثة وعشرين موضعا. وليس من اللازم أن يدل
اسم التفضيل في آيات الأحكام على الحكم الفقهي، فذلك يتفاوت باختلاف السياق
الوارد فيه ودقة المستنبط. أما ما له دلالة ظاهرة على الحكم فإن اسم
التفضيل ينقسم إلى أقسام:
1. ما كان التفضيل بين حرامين كقوله تعلى: ﴿وَالْفِتْنَةُ أكبَرُ مِنَ الْقَتْلِ﴾([10])
فإن كلا من الفتنة والقتل حرام. والزيادة لم تكن في أصل الحرمة، وإنما في
الذنب؛ فالفتنة هي الكفر أو الشرك بالله، وهو أكبر ذنبا من القتل قطعا.
ويمكن الاستدلال باسم التفضيل هنا على قبول توبة القاتل قتل عمد إذا حسنت
توبته، خلافا لمن قال بخلوده في النار وإن تاب. ووجه الاستدلال أن الكفر
يمكن التوبة منه بالإسلام، فلما كان الأشد كذلك كان الأقل منه أولى بإمكان
التوبة منه، وهذا قياس جلي. والله أعلم.
2. ما كان التفضيل بين مطلوب
الفعل –المندوب أو الواجب– ومطلوبِ الترك –المكروه أو المحرم–، وذلك كقوله
تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا
فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا
يَصْنَعُونَ﴾([11])؛ لأن غض البصر عن المحرم واجب، والنظر إليه حرام.
وقد يكون أحد طرفيه مكروها،
كقوله تعالى في نكاح الأمة: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ
وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾([12]) فنكاح الأمة في قول عند المالكية مكروه. وأجازه الحنفية مطلقا.
3. ما كان التفضيل بين مباح ومستحب، وذلك كقوله تعالى: ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ﴾([13])
إذا فُسر ﴿يطيقونه﴾ بالشيخ والشيخة الفانيين اللذين لا يطيقان الصيام فهما
يفطران ويفديان ولا قضاء. فالزيادة في الفدية أو في مصروف الفدية خير من
الاكتفاء بقدر الإجزاء. فقدر الإجزاء حكمه مباح. وليس المراد أصل الفدية.
4. ما كان التفضيل بين مستحبين،
وذلك كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ
وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾([14])؛
لأن نظرة المعسر قربة ولا أقل من أن تكون مندوبة، فبين الله أن التنازل
والتصدق خير منها في الثواب. فالخير هنا ليس في نفس الاستحباب ولكن في ثواب
العمل.
5. ما كان التفضيل بين رخصة وعزيمة، وذلك كقوله تعالى: ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾([15])؛ لأن الإفطار لأصحاب الأعذار رخصة والصوم عزيمة.
في الواقع ينبغي أن يدخل
التفضيلُ بين المباحين والواجبين ومكروهين وغيرها في حصر التقسيم. وإنما لم
يذكر؛ لأن المباحين لا تفاضل بينهما، فالمباح لا مدح ولا ذم له من حيث هو
المباح، فلا فائدة في المفاضلة بين المباحين أصلا. أما التفضيل بين
الواجبين ومكروهين فأصل التفسيم موجود ولكن لم أجد مثالا لهما من آيات
الأحكام. ولم يرد أيضا التفضيل بين المندوب والواجب؛ لأن الواجب أفضل من
الندب دائما إلا في مسائل محصورة كالابتداء بالسلام المندوب، فإنه أفضل من
رده الواجب. والله أعلم.
ويجب لفت النظر إلى التفضيل بين
مطلوب الفعل ومطلوب الترك؛ أ يمكن مشاركتهما في شيء واحد لتتحقق المفاضلة؟
الجواب: لا قطعا، لاستحالة الجمع بين المتناقضين في شيء واحد. فقوله تعالى:
﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ
خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ لا يمكن فيه أن يقال أن في السحر خيرا؛
لأن الخير معدوم فيه بنص قوله تعالى: ﴿فَيَتعلّمُونَ مَا يَضُرّهُم وَلا
يَنْفَعُهُم﴾، وهو أيضا من الموبقات. وفي هذه الحالة ينبغي القول بأحد
أمرين: إما القول بأن مشاركة السحر للإيمان في الخيرية على سبيل الفرض
والتقدير، أي: باعتبار ظن السحرة على أن في سحرهم فوائدَ. فاسم التفضيل هنا
حقيقي ولو كانت المشاركة تقديرية كما علمتَ. وإما القول بأن اسم التفضيل
قد تجرد عن معنى التفضيل إلى الوصف المجرد. والذي يسوغ هذا أن اسم التفضيل
هنا عاريا عن “من” والإضافة واللام. فهو مجاز هنا. ولا يخفى أن الحمل على
الحقيقة أولى ما أمكن ذلك.
وإذا كان اسم التفضيل مجردا عن
اللام والإضافة متصلا بـ”من” الجارة والحال كما سبق فلا يحتمل إلا القول
بأن المشاركة فرضية تقديرية كقوله تعالى: ﴿وَلأمَةٌ مُؤمنِةٌ خيرٌ مِن
مُشرِكةٍ وَلَو أعْجبتكم﴾([16]). إلا أن تذهب مذهب أبي عبيدة.
وكذلك الأمر في معنى اسم التفضيل
في حق الله تعالى. فذهب أبو عبيدة ومن وافقه إلى ما عرفتَ بيانه حذراً من
أن يكون ثمة مفاضلة بين الخالق والخلق، ومبالغةً في التنزيه. وقال غيرهم:
المشاركة تقديرية، ومعنى التفضيل أن ما خطر ببال العبد من صفات الكمال
والجلال وتمام العلم والقدرة والقدس فالله تعالى من وراء ما خطر له إذ ليس
كمثله شيء. وهذا أولى من جهة اللغة؛ «لأن اسم الفاعل أقل في الدلالة على
الكمال من اسم التفضيل؛ فاسم التفضيل يمنع تساوي المفضل والمفضل عليه في
الوصف، واسم الفاعل لا يمنع ذلك، فإذا قلت: “زيد عالم” لم يمنع أن يساويه
عمرو في العلم إذا كان عالماً، وإذا قلت: “زيد أعلم من عمرو” دلّ على أنه
لا يساويه وأن زيداً أعلم» ([17]). والخلاف لفظي كما يبدو.
وعلى هذا فاسم التفضيل في آيات الأحكام باعتبار تحقق شروطه ونوع المشاركة وإلغاء التفضيل ثلاثة أنواع:
- ما لم يتوفر فيه الشروط ويؤول بصفة مشبهة أو اسم الفاعل، كقوله تعالى: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا﴾([18])؛ لأن الزوج لم يشاركه أحد في حق الرجعة.
- ما توفر فيه الشروط وتكون المشاركة حقيقية، كقوله تعالى: ﴿وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ﴾([19]).
3. ما توفر فيه الشروط وتكون
المشاركة تقديرية فرضية، كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا
تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا
وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ
تَذَكَّرُونَ﴾([20]).
فإذا كانت الآية الوارد فيها اسم التفضيل سياقها بيان التحريم كان اسم
التفضيل يفيد تقرير الحرمة وتأكيدها. وإن كان السياق بيان الوجوب فاسم
التفضيل يفيد تقرير الوجوب وتأكيده. وإن لم يكن سياق الدليلِ يُبين الحرمة
أو الوجوب فاسم التفضيل يفيد الندب. والله أعلم.
وفي ضوء هذا البيان يمكنك أن
تتدبر اسم التفضيل في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا
نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ
اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ
تَعْلَمُونَ﴾([21])،
وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ
وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ
ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا
رَحِيمًا﴾([22]).
النقطة الثانية:
أثر اسم التفضيل في آيات الأحكام، والْمعنِيّ بالأثر هنا ما كان لاسم
التفضيل فيها اعتبار ومدخل للحكم. وقد يترتب عليه خلاف العلماء في
الاستنباط. وستكون الدراسة في ثلاث آيات.
الآية الأولى: اسم التفضيل في
قوله تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ
مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ﴾([23]).
تحليل التفضيل: المفضل هو الآية
الناسخة أو الحكم الناسخ، المفضل عليه هو الآية المنسوخة، الصفة المشتركة
هي الخير. وقد تحقق كل شروط التفضيل. والكلام الآن عن طرفي التفضيل: أ
كانا آيتين أم حكمين أم مختلفين؟ أما المفضل عليه فهو مذكور بلفظ ﴿آية﴾ فإن
تمسكتَ بظاهر اللفظ قلتَ: لا نسخ في غير القرآن؛ لأن المنسوخ لا بد أن
يكون قرآنا (آية). لكن التمسك بالظاهر يلزم منه القول بعدم النسخ في الحكم،
فنسخ الآية يعني نسخ التلاوة فقط إذ ليس لِلحكم في الآية ذكر، وليس في نسخ
التلاوة ما يوجب نسخ الحكم! ولما كان نسخ الحكم هو المراد لزم التأويل،
إما بحذف مضاف، أي: (حكم آية) أو أن تكون دلالة آية على حكمها بالدلالة
التضمنية، أو أن في “آية” مجازا مرسلا حيث ذكر محل الحكم ويراد به الحالّ،
أو بتأويل آخر ولا مفرّ !
وأما المفضل فغير مذكور: والقائل
بأن المفضل عليه “آية” يقول إن المفضل من جنسها وهي آية أيضا، كما إذا قال
الإنسان: ما آخذ منك من ثواب آتيك بخير منه، فهو يفيد أنه يأتيه بثوب من
جنسه خير منه، وجنس القرآن قرآن!. ولكن يلزمه ما يلزم السابق.
وأما الصفة المشتركة بينهما مع
زيادة المفضل فهي الخير. وهذا محل اتفاق، ولكن ما الخير؟ قد يكون المراد
منه الخير في النظم والإعجاز، ولا يكونان إلا في القرآن، فلا ينسخ غيرُ
القرآنِ القرآنَ!. ولكن يوجه إلى هذا القول سؤال أعوص وهو: كيف تكون آية من
القرآن خيرا من غيرها في النظم والإعجاز حتى تنسخها؟ ومما يبطل هذا القول
أنه يلزم منه القول بالتفاضل في نظم القرآن وإعجازه مع أنه كلام الله،
وكلامه صفته!. فلا بد أن يكون للخير إذَنْ معنى آخر، قد يكون هو تحقق
المصلحة أو التخفيف أو زيادة الثواب، والخير بهذا المعنى لا يقتصر على
القرآن، بل السنة أيضا كذلك فجاز أن تكون ناسخة.
فإذا علمت هذا علمت محور الخلاف
في جواز نسخ القرآن بالسنة. فمنع الشافعي رضي الله عنه ذلك، وأبْين حججه ما
سبق من التمسك بظاهر الآية. والجمهور جوزوا ذلك بحجج واضحة كوقوع نسخ
القرآن بالسنة، وفنّدوا أدلة الشافعي. وقالوا: بأن جميع من يعتد بهم يقولون
إن المراد من ﴿نَأت بخيْر﴾ هو: «خير لكم إما في التخفيف أو في المصلحة أو
في كثرة الثواب. ولم يقل أحد منهم: خير منها في التلاوة، إذ غير جائز أن
يقال أن بعض القرآن خير من بعض في معنى التلاوة والنظم إذ جميعه معجز كلام
الله. فدلالة هذه الآية على جواز نسخ القرآن بالسنة أظهر من دلالتها على
امتناع جوازه بها» ([24]).
ومن أحسن ما يرد به على الشافعي
ما قاله الرازي: «إن قوله تعالى: ﴿نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَآ﴾ ليس فيه أن
ذلك الخير يجب أن يكون ناسخاً، بل لا يمتنع أن يكون ذلك الخير شيئاً
مغايراً للناسخ يحصل بعد حصول النسخ. والذي يدل على تحقيق هذا الاحتمال أن
هذه الآية صريحة في أن الإتيان بذلك الخير مرتب على نسخ الآية الأولى، فلو
كان نسخ تلك الآية مرتباً على الإتيان بهذا الخير لزم الدور، وهو باطل!» ([25]). افهم كلامه فإنه مفيد.
وتبين بهذا أن لطرفي التفضيل اعتبارا جليا وأثرا كبيرا في استنباط الحكم.
الآية الثانية ﴿أَيَّامًا
مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ
مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ
مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا
خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾([26]) وفيها مسألتان:
المسألة الأولى: ظاهر الآية يدل
على أن الصوم أفضل من الإفطار. فالمفضل هو الصوم، والمفضل عليه هو الإفطار،
والوصف هو الخير، ووجه الخيرية في الإفطار كونه رخصة. ولكن في حق من؟
فأفضلية الصوم قد تكون في حق المطيقين أو المطوقين؛ لأنهم أقرب المذكورين.
وقد تشملهم وتشمل المرضى والمسافرين لعموم الخطاب. فمن ذهب إلى أن الإفطار
أفضل يتمسك بعموم الآية. وهذا مذهب الجمهور.
وذهب ابن المسيب والشعبي
والأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق إلى أن الإفطار أفضل، فيسن الإفطار ويكره
الصوم في حالة سفر القصر ولو بلا مشقة. وحجتهم بعد السنة أن القصر في
الصلاة أفضل، فوجب أن يكون الإفطار أفضل.
وأجاب الجمهور بمنع القياس للفرق
من وجهين، أحدهما: أن الذمة تبقى مشغولة بقضاء الصوم دون الصلاة إذا
قصرها. والثاني: أن فضيلة الوقت تفوت بالفطر ولا تفوت بالقصر([27]).
أقول: ولم أجد أحدا من المذهب
الثاني يرد الأول بتخصيص الخطاب لأقرب المذكورين. والله أعلم. ولعل أسلوب
الالتفات هو الذي يمنع تخصيص، فلو كان الخطاب خاصا لأقرب المذكورين لقال:
(وأن يصوموا) بالغيب. ولما كان أفراد المفضل عاما كان الحكم عاما أيضا.
وهذا أثر لاسم التفضيل واضح.
وهناك مذهب ثالث يرى أن الأفضل هو الأيسر، لقوله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾([28]) فهذا يقتضي أنه إن كان الصوم أيسر عليه صام، وإن كان الفطر أيسر أفطر.
ولا وجه لذلك؛ فليس كل ما هو أيسر كان أفضل. كما أنه امتنان للرخصة، فلا يعارض عموم أفضلية الصوم.
المسألة الثانية: ذهب قوم منهم
الظاهرية إلى أن الواجب على المسافر والمريض الفطر وصيام عدة من أيام أخر
حتى روي عن ابن عمر: أن المسافر إذا صام في السفر قضى في الحضر. وحجتهم من
القرآن قوله تعالى: ﴿فعدة مِنْ أيّامٍ أُخَر﴾ فإن قرأ ﴿عدة﴾ بالنصب كان
التقدير: فليصم عدة من أيام أخر، وهذا للإيجاب، وإن قرأناه بالرفع كان
التقدير: فعليه عدة من أيام، وكلمة “عَلى” للوجوب فثبت أن ظاهر القرآن
يقتضي إيجاب صوم أيام أخر، فوجب أن يكون فطر هذه الأيام واجباً ضرورة أنه
لا قائل بالجمع ([29]).
وذهب الجمهور إلى أن الإفطار
رخصة فإن شاء أفطر وإن شاء صام لعموم الآية. واستدلوا بهذه الآية ﴿وأن
تَصُومُوا خيْرٌ﴾ ووجه الاستدلال والرد أن التفضيل يقتضي مشاركة الصيام
والإفطار في صفة الخيرية، وزيادة الصيام عليه فيها. فإن كان صيام المسافر
والمريض غير معتد به لزم القول بأن إفطاره أفضل، ويكون الصيام شرا لكونه
غير معتد به عندهم!.
وللتفضيل أثر في هذا الحكم من
حيث عموم المفضل كما في المسألة الأولى. وأنت خبير بأن محل الخلاف في هذه
المسألة هو ما إذا كان صاحب العذر الشرعي غير متضرر بصيامه. فإن تضرر تعين
الإفطار إجماعا.
الآية الثالثة: ﴿وَمَن لَّمْ
يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلا﴾ إلى قوله: ﴿ذلِكَ لِمَنْ خَشِي الْعَنَتَ
مِنكُم وَأَن تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَّكُمْ﴾([30]) “خير” اسم التفضيل وله أثر واضح في مسائل فقهية، منها:
المسألة الأولى: ذهب الشافعية
والحنابلة وهو المشهور عند المالكية إلى أن الأصل تحريم نكاح الأمة ما لم
يجتمع فيه الشروط من عدم القدرة على نكاح حرة لعدم وجود حرة أو الصداق –
وقيل: الصداق والنفقة معا -، وخوف العنت، أي: الوقوع في الزنا إن لم يتزوج،
وأن تكون الأمة مسلمة. وإن الجواز إذا اجتمعت الشروط من باب الرخصة.
وللمالكية قول ثان: وهو أن نكاح الأمة مكروه.
وقال الحنفية: يجوز نكاح الأمة مطلقا، مسلمة كانت أم كتابية، لعموم الآية: ﴿فانكحُوا مَا طَابَ لكم مِنَ النِّساء﴾([31]) وقوله تعالى: ﴿وأحِلَّ لكمْ مَا ورَاءَ ذلكمْ﴾([32]) فلا يخرج منه شيء إلا بما يوجب التخصيص([33]).
وفي الرد على الحنفية يقول إلكيا
هراسي: «إن المقصود بالأول ﴿وَأحِلّ لَكُم مَا وَرَاء ذلكمْ﴾ بيان حكم
المحرمات اللواتي لا تحل بحال، وذكر بعده ما يجوز أن يباح في بعض الأحوال،
وذكر بعده ما يحرم لفقد شرط في العقد لا لتحريم في المحل، فلم يقل: المحل
محرم، ولكنه أبان عن شرط العقد. ودل على بطلان هذا التأويل قوله تعالى:
﴿وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ » ([34]).
والذي يهمني هو آخر قول هراسي
هذا، للتأكيد على أثر اسم التفضيل في الحكم. فلنحلل اسم التفضيل أولا:
المفضل هو الصبر، والمفضل عليه هو نكاح الأمة –وهو رخصة عند الجمهور، ومباح
عند الحنفية–، والوصف الخير. أما خيرية الصبر فواضح، وإنما كان الصبر
والعزبة في هذه الحالة أفضل لما في نكاح الأمة من الأضرار؛ لأنه يفضي إلى
إرقاق الولد الذي يتبع أمه في الحرية والرق، وأن الأمَة مبتذلة خراجة
ولاجة، وفي الخبر: «الإيماء هلاك البيت» وخبر «أيما حر تزوج أمة فقد أرق
نصفه»؛ ولأن حق مولاها فيها أقوى من حق الزوجية. والصبر على مكارم الاخلاق
أولى من البذالة ([35]).
فأي خيرية إذَنْ في نكاح الأمة لمن استطاع نكاح غيرها؟ ذلك إن كان للتمتع
المحض اعتبار في الخيرية حتى قال من أجازه: إن وجوده في سياق المفاضلة يدل
على وجود الخير فيه فلا يكون محرما. نعم، ألم أقل: إن كان للتمتع المحض
خيرية!. ولا تقل لي: ألم يثبت الله لها الخيرية فقال تعالى: ﴿وَلأمَةٌ
مُؤمِنَة خَيْر مِنْ مُشْرِكَة وَلوْ أَعْجَبتكُمْ﴾([36])
؟، ذلك لأن هذه الآية لها سياقها، وهو أن من كانوا في سبب النزول «لا
يعافون عن نكاح المشركات، ويعافون من نكاح الإماء خيفة إرقاق الولد، فأبان
اللّه تعالى أن الأمة مع إفضاء نكاحها إلى رق الولد خير من المشركة التي لا
يجوز نكاحها ألبتة، والأمة يجوز نكاحها في بعض الأحوال» ([37]).
فلأمة مؤمنة أفضلية بالنسبة للمشركة. وأنت تجزم بحرمة نكاح المشركة ولو
قلتُ لك: إن وجود المشركة في سياق المفاضلة يقتضي مشاركتها في الخيرية فجاز
نكاحها، وإن كان نكاح الأمة أفضل في هذه الحالة. وكان سبب ردك أن اسم
التفضيل إذا كان أحد طرفيه مطلوب الفعل والآخر مطلوب الترك كان مشاركتهما
في الصفة على سبيل الفرض والتوهم. وهكذا الأمر هنا، فخيرية نكاح الأمة
موجودة لمن رخص له، واسم التفضيل حينئذ في بابه والمشاركة حقيقية، ولكنها
معدومة لمن لم يجتمع فيه الشروط، فالمشاركة في هذه الحالة فرضية.
ورحم الله القاضي إسماعيل بن
إسحاق المالكي إذ أحسن الاستدلال في هذا الصدد فقال: «فحيث جاز –وهو عند
خوف العنت– ذكرُ موضع الاختيار –أي قوله: ﴿وأنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكم﴾–،
فعند عدم الخوف يستحيل أن يبقى الأمر على ذلك الاختيار» ([38]).
وقال ابن العربي المالكي: «﴿وأنْ
تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾: يدل على كراهية نكاح الأمة; لما فيه من خوف
إرقاق الولد وجواز خوف هلاك المرء; فاجتمعت فيه مضرتان دفعت الأعلى
بالأدنى، فقدم المتحقق على المتوهم»([39]).
المسألة الثانية: قال أصحاب
الظاهر: النكاح واجب وتمسكوا بقوله تعالى ﴿فَانكِحُوا﴾ وهو أمر، وظاهر
الأمر للوجوب. وتمسك الجمهور في بيان أن النكاح ليس بواجب بقوله تعالى:
﴿وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلا﴾ إلى ﴿وَأَن تَصْبِرُوا خَيْرٌ
لَّكُمْ﴾ فحكم الله تعالى بأن ترك النكاح في هذه الصورة خير من فعله، وذلك
يدل على أنه ليس بمندوب، فضلا عن أن يقال أنه واجب.
وذلك لأن المفضل لا بد أن يزيد
على المفضل عليه في نفس الصفة، وقد علمت أن الجمهور ذهبوا إلى أن نكاح
الأمة لمن استوفى الشروط رخصة جائزة، فأفضلية الصبر في ندبه. لذا قال
الماوردي: «ولو كان –أي النكاح– واجبا لكان الصبر شرا له!»([40]). فتبين بهذا أن لاسم التفضيل أثرا هنا من حيث إن النكاح مفضل عليه.
المسألة الثالثة: «مذهب أبي
حنيفة رضي الله عنه أن الاشتغال بالنكاح أفضل من الاشتغال بالنوافل، فان
كان مذهبهم أن الاشتغال بالنكاح مطلقاً أفضل من الاشتغال بالنوافل، سواء
كان النكاح نكاح الحرة أو نكاح الأمة فهذه الآية نص صريح في بطلان قولهم،
وإن قالوا: إنا لا نرجح نكاح الأمة على النافلة فحينئذ يسقط هذا الاستدلال،
إلا أن هذا التفصيل ما رأيته في شيء من كتبهم والله أعلم». أفاده الإمام
الفخر ([41]).
أقول: تأمل دقة كلام الإمام هنا في أثر اسم التفضيل. والله أعلم.
أختم الكلام في المبحث الثاني
بإيراد استنباط لطيف من الشيخ محمد على السايس في آخر آية ﴿يَا أيّها
الذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ….﴾ ([42])،
قال رحمه الله: «قد يؤخذ من الآية التي معنا أنّ أدلة الأحكام الشرعية
أربعة لا غير، وهي: الكتاب والسنة والإجماع والقياس، وإنّ غيرها لا يصحّ
التعويل عليه في إثبات الأحكام ولا الردّ إليه عند النزاع؛ لأنّ الأحكام
إما منصوصة في كتاب أو سنة، وذلك قوله: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا
الرَّسُولَ﴾، وإما مجمع عليها من أولي الأمر بعد استنادهم إلى دليل علموه،
وذلك قوله: ﴿وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾، وإما غير منصوص ولا مجمع عليها،
وهذه سبيلها الاجتهاد والرد إلى اللّه والرسول وذلك هو القياس، فما أثبته
الفقهاء والأصوليون غير هذه الأربعة كالاستحسان الذي يراه الحنفية دليلا،
وإثبات الأحكام الشرعية تمشيا مع المصالح المرسلة الذي يقول به المالكية،
والاستصحاب الذي يقول به الشافعية، كلّ ذلك إن كان غير الأربعة فمردود
بظاهر هذه الآية، وإن كان راجعا إليها، فقد ثبت أنّ الأدلة أربعة»([43]).
وأترك لك المجال للتعقيب على قول الشيخ السايس، سواء بالموافقة أو الرد، واضعا بين يديك قول الألوسي عن ﴿ذلكَ خيرٌ وأحسَنُ تَأوِيْلا﴾: «وأفعل التفضيل في الموضعين للإيذان بالكمال على خلاف الموضوع له»([44]).
اسم التفضيل في الفقه
لعلك الآن قد أدركت –أو تأكدت–
ما لاسم التفضيل من أثر في آيات الأحكام والاستنباط. ولم ينته الأمر إلى
هذا الحد، فلاسم التفضيل أثر أيضا في الفروع الفقهية من حيث الفتوى والحكم
الصحيح. وغرضي من هذا المبحث الفقهي لم يكن لاستقراء كل الفروع الفقهية
التي أثر فيها مبحث اسم التفضيل النحوي. وإنما أريد أن أسوق الأمثلة من
الفروع التي تنبني على مبحث اسم التفضيل، ليحصل بها التنبيه والتنويه،
والتأكيد بأن العلم للعلم كالبنيان يشد بعضه بعضا. وهاك الفروع:
الفرع الأول: القذف بصيغة أفعل
التفضيل. إذا قال لأحد: “أنت أزنى من فلان، أو: أنت أزنى الناس”، فهل يكون
قاذفا؟ ولو كان قاذفا فهل يكون قاذفا للآخر أيضا؟
فيه مذهبان: الحنفية والشافعية
على أن اللفظين كناية القذف، والحنابلة ذهبوا إلى أن القائل قاذف للمخاطب،
واختلفوا في كونه قاذفا للآخر أم لا.
علل الحنفية عدم الحد من غير نية
بأن لفظ “أزنى” يحتمل أن يراد به الأقدَرُ على الجماع أو الزنا، وبأن
“أفعل” في مثله يستعمل للترجيح في العلم، فكأنه قال: أنت أعلم بالزنا ([45]).
وفي المجموع شرح المهذب: «وإن
قال لغيره: “أنت أزنى من فلان أو أنت أزنى الناس” لم يكن قذفا من غير نية؛
لأن لفظة “أفعل” لا تستعمل إلا في أمر يشتركان فيه
ثم ينفرد أحدهما فيه بمزية، وما ثبت أن فلانا زانٍ، ولا أن الناس زناة
فيكون هو أزنى منهم. وإن قال: “فلان زان وأنت أزنى منه، أو: أنت أزنى زناة
الناس” فهو قذف؛ لأنه أثبت زنا غيره ثم جعله أزنى منه» ([46]).
وللأصحاب الشافعية تعليل آخر في
عدم الحد، فالقائل: “زيد أزنى الناس، أو أزنى من الناس” لم يكن قاذفا إلا
أن ينويه؛ لأنه كاذب قطعا لنسبته الزنا لكل الناس، وأن المخاطب أكثر زنا
منهم. إلا إن نوى أنه أزنى مِمّن زنى منهم فيكون قذفا صريحا([47]).
وأما الحنابلة فقال ابن قدامة:
«وإن قال: “أنت أزنى من فلان أو أزنى الناس”، فهو قاذف له، وهل يكون قاذفا
للثاني؟ فيه وجهان: أحدهما يكون قاذفا له، اختاره القاضي؛ لأنه أضاف الزنا
إليهما وجعل أحدهما فيه أبلغ من الآخر، فإن لفظة “أفعل” للتفضيل فيقتضي اشتراك المذكورين في أصل الفعل، وتفضيل أحدهما على الآخر فيه كقوله أجود من حاتم.
والثاني: يكون قاذفا للمخاطب خاصة؛ لأن لفظة “أفعل” قد تستعمل للمنفرد بالفعل كقول الله تعالى: ﴿فَأَيّ الفَرِيْقَيْنِ أَحَقّ بِالأمْنِ﴾([48]) وقال للوط: ﴿بَناتِي هُنَّ أطْهَرُ لكُمْ﴾([49])
أي من أدبار الرجال ولا طهارة فيهم. وقال الشافعي وأصحاب الرأي: ليس بقذف
للأول ولا للثاني إلا أن يريد به القذف. ولنا أن موضوع اللفظ يقتضي ما
ذكرناه فحمل عليه كما لو قال: أنت زان» ([50]).
أقول: قول القائل: “أزنى”، يقتضي
مشاركة المفضل والمفضل عليه في أصل الفعل. فإذا نظرت إلى هذا الحد من
تفسير قوله هذا قلتَ إنه قاذف للمخاطب بلا خلاف، وهذا اعتبار الحنابلة.
ولكن أ كانت المشاركة حقيقية أم تقديرية؟ إذا كان المضاف إليه “قوم” مثلا،
فيحتاج إلى إثبات كون المفضل من جنس المفضل عليه، فإن كان طرفا التفضيل
فاسقين فليس بقادف؛ لأن المخاطب غير محصن. وإن أحصن فإن جزم بأن القوم كلهم
زناة فقذف، وإلا فلا. لذا فإضافته الزنا إلى “الناس” كلهم مقطوع بكذبه،
فلا يكون قذفا. وإن كان المفضل عليه مجرورا بـ “من” احتيج إلى إثبات زنا
المفضل عليه، فإن ثبت زناه كان قاذفا. وإلا فالمشاركة التقديرية شبهة تدرأ
الحدود. وهذا وجهة الحنفية والشافعية. وإذا قلت: يمكن حمل قوله على مطلق
الاتصاف «”فأفعل” قد يستعمل للمنفرد
بالفعل» دون المشاركة والزيادة، فيكون قاذفا. أقول: ذلك الاستعمال منعه
جمهور اللغويين لوجود “من”، وإن سلّم ذلك فقد خرج اسم التفضيل عن حقيقة
وضعه، فهو مجاز، وكيف يكون المجاز صريحا في القذف؟ فإذا كان الأمر هكذا كان
قول القاضي الحنبلي: «وتفضيل أحدهما على الآخر فيه كقوله أجود من حاتم»،
لا يكون مسوغا لاعتبار اسم التفضيل هنا قذفا صريحا. والله تعالى أعلم.
وإذا فهمت وجهة الحنفية
والشافعية في فرع سابق فإنك تستطيع أن تفهم وجهتهم في فروع مسألة ذكرها
الشافعية، منها: «لو قال لزوجته أو غيرها: “يا زانية”، فقالت: “أنت أزنى
مني” فالجواب منها كناية لاحتمال أن تريد أنه أهدى إلى الزنا وأحرص عليه
منها، أو أنه لم يطأني غيرك في النكاح، فإن كنتُ زانية فأنت أزنى مني.
وأفعل التفضيل وإن اقتضى الاشتراك في الأصل وإثبات الزيادة لكن قولها “أنت
أزنى مني” خارج مخرج الذم والمشاتمة، ومثله لا يحمل على وضع اللسان، كما في
قول يوسف لإخوته: ﴿أنْتُمْ شَرّ مَكَانًا﴾([51])؛
ولأن معتاد المحاورات لا يتقيد بالوضع. فإن قالتْ جوابا أو ابتداء: “أنا
زانية وأنت أزنى مني” فمقرة بالزنا وقاذفة له ويسقط حد القذف عنه» ولو قال
ابتداء: “أنت أزنى مني” ففي كونه قاذفا وجهان ([52]).
وبعد هذا المثال تدرك أثر اسم التفضيل في الفروع. وعليك أن تقيس ذلك في فروع مشابهة سواء أ كانت مذكورة في كتب المذاهب أو لا.
فمما يوجد في فروع الحنفية مسألة
«لو قال: “أنتِ أَطلقُ مِن فلانة” وفلانة مطلقة أو غير مطلقة، فإن عنى به
الطلاق وقع، وإلا فلا؛ لأنه نوى ما يحتمله لفظه، والمعنى عند عدم كونها
مطلقة “لأجل فلانة” لأن أفعل التفضيل ليس صريحا. وهذا بخلاف ما إذا قالت له مثلا: “فلان طلق زوجته” فقال لها ذلك، فإنه يقع وإن لم ينو» ([53]).
ومن فروع الشافعية مسألة «إذا
شرط الواقف النظر للأرشد من أولاده، فأثبت كل واحد منهم أنه الأرشد اشتركوا
في النظر من غير استقلال إذا وجدت الأهلية في جميعهم، فان وجدت في بعضهم
اختص بذلك؛ لأن البينات تعارضت في الأرشد فتساقطت وبقي أصل الرشد فصار كما لو قامت البينة برشد الجميع من غير تفصيل، وحكمه التشريك لعدم المزية. وأما عدم الاستقلال فكما لو أوصى إلى شخصين مطلقا» ([54]).
ومن فروع الحنابلة «إذا قال:
“أول ولد تلدينه فهو حر” فولدت اثنين وأشكل أولهما خروجا، أخرج بالقرعة،
فإن علم أولهما خروجا عتق وحده. وهو قول مالك والثوري وأبي هاشم والشافعي
وابن المنذر. وقال الحسن والشعبي وقتادة: إذا ولدت ولدين في بطن فهما حران»
([55]).
أقول: لا وجه لغير الجمهور؛ لأن وصف الأولية لولدين فأكثر معا متعذر في الولادة.
الخاتمة
في خاتمة هذا المقال نوجز النتائج في نقاط تالية:
- الإنتاج الفقهي يحتاج إلى امتلاك مكوناته وآلاته، والاقتدار على إعمالها بطريقة صحيحة وملكة راسخة.
- اسم التفضيل هو المبني على “أفعل” لزيادة صاحبه على غيره في الفعل.
- يستعمل اسم التفضيل حقيقيا إذا استوفى شروط المبنى والمعنى الستة: المفضل والمفضل عليه واسم التفضيل واتصاف المفضل بالصفة ومشاركة المفضل عليه فيها وزيادة المفضل فيها على غيره. وإن اختل شرط فاستعماله مجازي.
- المشاركة قد تكون حقيقية، وقد تكون تقديرية بفرض وجود المفضل عليه إن تعذرت المشاركة.
- إذا أضيف اسم التفضيل فيشترط أن يكون المفضل بعضا من المفضل عليه.
- يجوز استعمال اسم التفضيل مؤولا باسم الفاعل أو الصفة المشبهة بشرط تجرده عن اللام والإضافة و”من” سماعيا ولا يقاس. وأجازه قوم مطلقا.
- اسم التفضيل في آيات الأحكام باعتبار تحقق شروطه ونوع المشاركة وإلغاء التفضيل ثلاثة أنواع:
- ما لم يتوفر فيه الشروط ويؤول بصفة مشبهة أو اسم الفاعل، كقوله تعالى: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا﴾؛ لأن الزوج لم يشاركه أحد في حق الرجعة.
- ما توفر فيه الشروط وتكون المشاركة حقيقية، كقوله تعالى: ﴿وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ﴾.
- ما توفر فيه الشروط وتكون المشاركة تقديرية فرضية، كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾.
- فإذا كانت الآية الوارد فيها اسم التفضيل سياقها بيان التحريم كان اسم التفضيل يفيد تقرير الحرمة وتأكيدها. وإن كان السياق بيان الوجوب فاسم التفضيل يفيد تقرير الوجوب وتأكيده.
- إن لم يكن سياق الدليل في بيان الحرمة أو الوجوب فاسم التفضيل يفيد الندب.
والله أعلم. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
المصادر والمراجع
- ابن العربي: أبو بكر محمد بن عبد الله المالكي، أحكام القرآن، تخريج محمد عبد القادر عطا. بيروت: دار الكتب العلمية، دت.
- ابن الهمام: كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي، شرح فتح القدير. بيروت: دار الفكر، دت.
- ابن عقيل: بهاء الدين عبد الله العقيلي المصري، شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، تعليق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد. القاهرة: دار الطلائع، دت.
- ابن قدامة: أبو محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي، المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني. بيروت: دار الفكر، ط 1، 1405 هـ.
- الإسنوي: أبو محمد عبد الرحيم بن الحسن الشافعي، الكوكب الدري فيما يتخرج على الأصول النحوية من الفروع الفقهية، تحقيق د. محمد حسن عواد. الأردن: دار عمار، 1405هـ.
- الألوسي: أبو الفضل شهاب الدين السيد محمود البغدادي، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني. بيروت: دار إحياء التراث العربي، دت.
- الأنصاري: شيخ الإسلام زكريا بن محمد بن زكريا المصري الشافعي، أسنى المطالب في شرح روض الطالب، تحقيق د. محمد محمد تامر. بيروت: دار الكتب العلمية، ط 1، 1422 هـ – 2000م.
- الجصاص: أبو بكر أحمد بن علي الرازي الحنفي، أحكام القرآن، تحقيق محمد الصادق قمحاوي. بيروت: دار إحياء التراث العربي 1405هـ.
- الرازي: فخر الدين محمد بن عمر التميمي الشافعي، التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب. بيروت: دار الكتب العلمية، ط 1، 1421هـ – 2000م.
- الرضي: رضي الدين محمد بن الحسن الاستراباذي، شرح الرضي على الكافية (الوافية في شرح الكافية لابن الحاجب)، تصحيح وتعليق: يوسف حسن عمر. بنغازي: جامعة قاريونس، ط 2، 1996م.
- السايس: الشيخ محمد بن علي، تفسير آيات الأحكام. القاهرة: المكتبة العصرية للطباعة والنشر، دت. وأيضا طبعة دار الفرفور.
- الصبان: محمد بن علي، حاشية على شرح الأشموني على الألفية، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد. القاهرة: المكتبة التوفيقية، دت.
- العثيمين: محمد بن صالح بن محمد، الشرح الممتع على زاد المستقنع. المملكة العربية السعودية: دار ابن الجوزي، ط 1، 1422 هـ.
- الغلاييني: الشيخ مصطفى، جامع الدروس العربية، ضبط وتخريج محمد فريد. القاهرة: المكتبة التوفيقية، دت.
- القرطبي: أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري، الجامع لأحكام القرآن، تصحيح أحمد عبد العليم البردوني. القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتب عن دار الكتب المصرية، ط 3، 1987م.
- الماوردي: أبوالحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الحاوى الكبير. بيروت: دار الفكر، دت.
- وزارة الأوقاف الكويتية: الموسوعة الفقهية الكويتية. الكويت: وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، ط 2، 1404 هـ، 1983 م.
- محمد محيي الدين عبد الحميد، عدة السالك إلى تحقيق أوضح المسالك. القاهرة: دار الطلائع، دت.
- النووي: محيي الدين أبو زكريا يجيي بن شرف الشافعي، المجموع شرح المهذب. بيروت: دار الفكر، 1997م.
- هراسي: إلكيا أبو الحسن على بن محمد الطبري، أحكام القرآن، تحقيق موسى محمد علي وعزت عبده عطية. بيروت: دار الكتب العلمية، 1405هـ.
([1]) الرضي، محمد بن الحسن الاستراباذي، شرح الرضي على الكافية، تصحيح وتعليق: يوسف حسن عمر. (بنغازي: جامعة قاريونس، ط 2، 1996م)، 3/447.
([2]) نحو “ما رأيت رجلا أحسن في عينه
الكحلُ منه في عين زيد” فالكحل مرفوع بأحسن لصحة وقوع فعل بمعناه موقعه.وقد
أفاد شيخنا أ.د/ إسماعيل عوض، بأن الأليق أن يقول النحاة : “مسألة أحب
الصوم” لورود حديث بأسلوب مسألة الكحل، وهو (ما من أيام أحب إلى الله فيها
الصومُ منه في عشر ذي الحجة). واعتذر لهم بأنهم لم يحتجوا بالحديث في أوائل
التدوين. والله أعلم.
([3]) (سورة الأعلى: 17).
([4]) (سورة البقرة: 103).
([5]) الرضي، محمد بن الحسن الاستراباذي، شرح الرضي على الكافية: 3/457.
([6]) (سورة الإسراء: 54).
([7]) (سورة الروم: 27).
([8]) الصبان، محمد بن علي، حاشية على شرح الأشموني على الألفية، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد. (القاهرة: المكتبة التوفيقية)، 3/72. الغلاييني، مصطفى، جامع الدروس العربية، (القاهرة: المكتبة التوفيقية) 1/143. ابن عقيل، بهاء الدين عبد الله ، شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، (القاهرة: دار الطلائع، دت) 3/83.
([9]) محمد محيي الدين عبد الحميد، عدة السالك إلى تحقيق أوضح المسالك. (القاهرة: دار الطلائع)، 3/247. وانظر أيضا حاشية الصبان: 3/72.
([10]) (سورة البقرة: 217).
([11]) (سورة النور: 30).
([12]) (سورة النساء: 25).
([13]) (سورة البقرة: 184).
([14]) (سورة البقرة: 280).
([15]) (سورة البقرة: 184).
([16]) (سورة البقرة: 221).
([17]) العثيمين، محمد بن صالح بن محمد، الشرح الممتع على زاد المستقنع. (المملكة العربية السعودية: دار ابن الجوزي، ط 1، 1422 هـ)، 5/141.
([18]) (سورة البقرة: 228).
([19]) (سورة البقرة: 191).
([20]) (سورة النور: 27).
([21]) (سورة الجمعة: 9).
([22]) (سورة الأحزاب: 59).
([23]) (سورة البقرة: 106).
([24]) الجصاص، أبو بكر أحمد بن علي الرازي الحنفي، أحكام القرآن، تحقيق محمد الصادق قمحاوي. (بيروت: دار إحياء التراث العربي 1405هـ)، 1/73.
([25]) الرازي، فخر الدين محمد بن عمر التميمي الشافعي، التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب. (بيروت: دار الكتب العلمية، ط 1، 1421هـ – 2000م)، 3/210.
([26]) (سورة البقرة: 184).
([27]) الرازي، فخر الدين محمد بن عمر التميمي الشافعي، التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب: 5/67.
([28]) (سورة البقرة: 185).
([29]) الرازي، فخر الدين محمد بن عمر التميمي الشافعي، التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب: 5/67.
([30]) (سورة النساء: 25).
([31]) (سورة النساء: 3).
([32]) (سورة النساء: 24).
([33]) مجموعة من الباحثين الفقهاء، الموسوعة الفقهية الكويتية. (الكويت: وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، ط 2، 1404 هـ، 1983 م)، 31/13.
([34]) هراسي، إلكيا أبو الحسن على بن محمد الطبري، أحكام القرآن، تحقيق موسى محمد علي وعزت عبده عطية. (بيروت: دار الكتب العلمية، 1405هـ)، 2/427.
([35]) السايس، الشيخ محمد علي، تفسير آيات الأحكام. (القاهرة: المكتبة العصرية، وأيضا طبعة دار الفرفور)، 1/499.
([36]) (سورة البقرة: 221).
([37]) هراسي، إلكيا أبو الحسن على بن محمد الطبري، أحكام القرآن: 2/420.
([38]) السابق: 2/421.
([39]) ابن العربي، أبو بكر محمد بن عبد الله المالكي، أحكام القرآن، تخريج محمد عبد القادر عطا. (بيروت: دار الكتب العلمية)، 1/520.
([40]) الماوردي، أبوالحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الحاوى الكبير. (بيروت: دار الفكر، دت)، 9/31.
([41]) الرازي، فخر الدين محمد بن عمر التميمي الشافعي، التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب: 10/53.
([42]) (سورة النساء: 59).
([43]) السايس، تفسير آيات الأحكام: 1/550.
([44]) أبو الفضل شهاب الدين السيد محمود البغدادي، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني: 5/67.
([45]) الألوسي، أبو الفضل شهاب الدين السيد محمود البغدادي،
روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني. (بيروت: دار إحياء
التراث العربي)، 18/91.
([46]) النووي، محيي الدين أبو زكريا يجيي بن شرف الشافعي، المجموع شرح المهذب. (بيروت: دار الفكر، 1997م)، 20/ 57.
([47]) الإسنوي، محمد بن عبد الرحيم، الكوكب الدري فيما يتخرج
على الأصول النحوية من الفروع الفقهية، تحقيق د. محمد حسن عواد، (الأردن،
دار عمار، 1405)، ص 245.
([48]) (سورة الأنعام: 81).
([49]) (سورة هود: 78).
([50]) ابن قدامة، أبو محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي، المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني. (بيروت: دار الفكر، ط 1، 1405 هـ)، 9/82.
([51]) (سورة يوسف: 77).
([52]) الأنصاري، شيخ الإسلام زكريا بن محمد بن زكريا المصري الشافعي، أسنى المطالب في شرح روض الطالب، تحقيق د. محمد محمد تامر. (بيروت: دار الكتب العلمية، ط 1، 1422 هـ – 2000م)، 3/373.
([53]) ابن الهمام، كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي، شرح فتح القدير. (بيروت: دار الفكر)، 4/8.
([54]) الأنصاري، شيخ الإسلام زكريا بن محمد بن زكريا، أسنى المطالب في شرح روض الطالب: 2/473.
([55]) ابن قدامة، أبو محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي، المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني: 10/313.
0 komentar:
Posting Komentar